الدعم والمقاومة

تعتبر مفاهيم الدعم والمقاومة واحدة من أهم المفاهيم المستخدمة في مجال التحليل الفني ونماذج الرسم البياني.

تُستخدم هذه المصطلحات من قبل المتداولين للإشارة إلى مستويات السعر التي يتوقعون أن يرتد السعر بمجرد الوصول إليها، صعودًا أو هبوطًا، نتيجة اعتبارات معينة. وبرغم سهولة هذه الفكرة للوهلة الأولى، ولكن ستكتشف في السطور اللاحقة أن مفاهيم الدعم والمقاومة معقدة بعض الشيء، كما تأتي في أشكال مختلفة.

تعريف الدعم والمقاومة

الدعم 

الدعم هو مستوى السعر الذي يتوقع المتداول أن ينتهي تراجع السعر عنده، أو على الأقل يتوقف عنده الاتجاه الهابط لبعض الوقت بسبب وجود طلب شرائي عند هذا المستوى. يبدو التفسير منطقيًا إلى حد ما، حيث أن انخفاض السعر يزيد من جاذبية السهم أو العملة أو السلعة محل التداول، وهو ما يجعلها أكثر إغراءً للشراء.

يحظى مفهوم الدعم بأهمية كبيرة في الأسواق الهابطة، حيث يحدد الوقت والمكان المثالي لدخول السوق.

المقاومة

كما يوحي الاسم، المقاومة هي المستوى الذي يتوقف عنده ارتفاع السعر. بعبارة أخرى، فإن مستوى المقاومة يعكس نقطة السعر على الرسم البياني الذي يتوقع أن يصل حجم المعروض من الأصل عندها إلى حده الأقصى. وبطبيعة الحال، يوجد مستوى المقاومة أعلى سعر السوق الحالي.

يلعب مستوى المقاومة دورًا هامًا في الأسواق الصاعدة باعتباره يحدد الموقع المثالي لدخول السوق، سواء لإغلاق صفقتك وجني الأرباح، أو الدخول وبيع الأصل إذا كنت تتداول المشتقات مثل عقود الفروقات.

أمثلة على مستويات الدعم والمقاومة

مثال على مستوى المقاومة (مارس 2022)

إذا نظرت على الرسم البياني التالي لزوج الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي (GBPUSD) ستلاحظ أن المستوى 1.4250 قد مثل مقاومة قوية فشل الزوج في اختراقها منذ عام 2016. هذا الوضع قد يدفع المتداول للتفكير في بيع الزوج إذا عاود الاقتراب من المستوى المذكور في المستقبل. وأيضًا بالنسبة للمتداولين الذين لديهم صفقات شرائية على زوج الباوند دولار، ربما يبدأون بالتفكير في جني أرباحهم وإغلاق مراكزهم الحالية عند اقتراب الزوج من هذا المستوى.

مثال على مستوى الدعم

على الجانب الآخر، تعمل مستويات الدعم على الرسم البياني كـ “أرضية” لمنع السعر من مواصلة التراجع. يمكنك بسهولة رسم خط الدعم عن طريق الربط بين النقاط التي ارتد منها السعر صعودًا في الفترات السابقة. كما نرى على الرسم البياني أدناه، وفر المستوى 93.30 دعمًا لسعر النفط على مدار أكثر من شهرين. 

أشكال الدعم والمقاومة

كما أشرنا آنفًا، فإن مفاهيم الدعم والمقاومة أكثر تعقيدًا مما قد تبدو للوهلة الأولى بالنسبة للمبتدئين. على سبيل المثال، في الرسوم التوضيحية أعلاه قد تأخذ انطباعًا بأن مستويات الدعم والمقاومة تظهر فقط في شكل خطوط أفقية، وهو تصور غير صحيح، حيث أن الشكل الأكثر شيوعًا من مستويات الدعم يأتي عند مستويات متفاوتة وليس نقطة واحدة. لاحظ أيضًا أن اختلاف منصة التداول والإطار الزمني قد يسلط الضوء على بعض ناطق الارتداد أكثر من غيرها. نستعرض في السطور التالية أبرز أشكال الدعم والمقاومة.

• خطوط الاتجاه

تتحرك أسعار الأصول المالية صعودًا وهبوطًا طوال الوقت، ولهذا من النادر أن تتشكل خطوط الدعم والمقاومة عند مستويات أفقية ثابتة. لهذا السبب، فإن خطوط الاتجاه (الترند) المائلة تعتبر الشكل الأكثر شيوعًا لمستويات الدعم والمقاومة.

يتكرر نفس الأمر بالنسبة لمفهوم الدعم، حيث أن الاتجاه الصعودي يشهد تشكيل السعر لقيعان متصاعدة يتم الربط بينها من خلال خطوط الاتجاه. يتحول هذا الخط بمرور الوقت إلى خط دعم يربط بين عدة قيعان ويمكن أن يمتد على استقامته بحيث نتوقع معه النقاط التي من المرجح أن يرتد السعر عند التراجع إليها قبل أن يستأنف اتجاهه الصاعد.

• النماذج الفنية

عندما يتحرك السوق في اتجاه صاعد، تتشكل خطوط المقاومة عندما تتباطأ الحركة الصعودية بسبب ضغوط جني الأرباح، أو وجود حالة من عدم اليقين بشأن الزخم الصعودي للأصل المعني. يظهر ذلك على الرسم البياني في فشل السعر في تجاوز مستوى معين عدة مرات، وهو ما يخلق على الفور انطباعًا بأن هذا المستوى يلعب حاليًا دور المقاومة. تتشكل في بعض الأحيان نماذج الشموع اليابانية تعطي هذا الانطباع، مثل القمة المزدوجة، والمثلثات والمستطيلات ونماذج الراية والعلم.

قوة مستويات الدعم والمقاومة

هناك عوامل عديدة تحدد مدى قوة مستوى الدعم والمقاومة نسرد بعضها فيما يلي:

• بشكل عام، فإن ارتداد السعر في السابق عدة مرات من مستوى معين يعطيه أهمية أكبر سواء كدعم أو مقاومة. ونظرًا لأن هذا الارتداد يظهر على الرسم البياني لجميع المتداولين، فإن هذا التفكير يرد في أذهان الجميع في نفس الوقت، وبالتالي يعمل مستوى الدعم والمقاومة بطريقة أقرب إلى النبوءة التي تحقق ذاتها. 
• بعبارة أخرى، فإن ارتداد السعر من مستوى معين عدة مرات وفشله في اختراقه يعطي على الفور انطباعًا بوجود مقاومة قوية. وفي المرة القادمة التي يختبر فيها السعر هذا المستوى، ستجد عدد كبير من مراكز البيع المتراكمة بالقرب من تلك المنطقة، ما يؤدي إلى معاودة الارتداد مرة أخرى. 
• برغم ذلك، فإن هذا المفهوم يمكن استخدامه بطريقة عكسية. على سبيل المثال، ربما يشير التحليل الفني والنظر إلى حركة السعر على الرسم البياني إلى وجود مقاومة قوية عند مستوى ما. ولكن ربما يشير التحليل الأساسي أو اعتبارات أخرى إلى أن الأصل المعني سيكون قادرًا على استئناف اتجاهه الصعودي. 
• في محاولة لحل هذا التناقض، يلجأ المتداولين إلى وضع أوامر للشراء عند مستوى أعلى من هذه المقاومة، بحيث يتمكن من اللحاق بركب الاتجاه الصعودي فور اختراق السعر للمقاومة، وفي نفس الوقت تجنب الشراء عند هذه المقاومة بسبب احتمالات تجدد الارتداد الهبوطي.

مفاهيم أساسية في الدعم والمقاومة

1. الأرقام التقريبية

تعتبر الأرقام التقريبية أو الصحيحة أحد الأدوات شائعة الاستخدام في تحديد مستويات الدعم والمقاومة. يُنظر إلى هذه المستويات عادةً على أنها ’حواجز نفسية‘ يصبح عندها السوق مهيئً أكثر من أي وقت مضى لشراء أو بيع الأصل عند تلك المنطقة.

وتجدر الإشارة إلى أن الأرقام الصحيحة ليست كلها على نفس الدرجة من الأهمية. على سبيل المثال، فإن سعر النفط عند المستوى 100$ للبرميل يعتبر أكثر أهمية، كدعم أو مقاومة، بالنسبة للمتداولين في أسواق النفط مقارنةً بالرقم 90 أو 80. وينطبق نفس الأمر على أزواج العملات، حيث أن المستوى 1.20 يعتبر أكثر أهمية لسعر صرف اليورو دولار مقارنةً بالمستوى 1.15 أو 1.17، وهكذا.

2. المتوسطات المتحركة وخطوط الدعم والمقاومة

تعتبر المتوسطات المتحركة واحدة من أهم الأدوات والمؤشرات الفنية المستخدمة في رصد مستويات الدعم والمقاومة. وباعتبارها تمثل متوسطات الأسعار للأصل المعني، فإن طريقة حساب المتوسطات المتحركة تساعد في التركيز على نقاط السعر الهامة من خلال ’تمهيد‘ خط المتوسط بحيث يعكس الأسعار الأكثر أهمية، وذلك من خلال إعطائها ثقل نسبي أكبر في حساب المؤشر.

3. استخدام فيبوناتشي في تحديد مستويات الدعم والمقاومة

هناك العديد من المؤشرات التي يستخدمها المتداولين في تحديد مستويات الدعم والمقاومة على الرسم البياني. ويعود أهمية استخدام هذه المؤشرات إلى أنها تساعدك على التنبؤ بمستويات الدعم والمقاومة في المستقبل، وليس فقط الاقتصار على رصد نقاط الارتداد في الماضي. بعبارة أخرى، فإن هذه المؤشرات أكثر عملية في التداول، خصوصًا في الاستراتيجيات اليومية، حيث لن تكون مضطرًا للانتظار حتى يقترب السعر من إحدى مستويات الدعم والمقاومة التاريخية لبدء التداول.

تعتبر مستويات ارتداد فيبوناتشي أحد الأدوات الهامة في هذا السياق، خصوصًا في المدى القريب. يحسب هذا المؤشر مستويات الارتداد المحتملة داخل نطاق سعري محدد. وعلاوة على ذلك، فإن مستويات ارتداد فيبوناتشي ذاتها تتفاوت في أهميتها النسبية. على سبيل المثال، يُنظر إلى حاجز 61.8% فيبوناتشي باعتباره مستوى الارتداد الأكثر أهمية حيث من المفترض أن تكون الحركة التصحيحية قد استنفذت الجزء الأكبر من زخمها بالوصول إلى الثلث الأخير من النطاق السعري. في هذه الحالة، تتزايد فرص الانعكاس مقارنةً بمستويات فيبوناتشي الأخرى. وفي نفس الوقت، فإن الرهان على استمرار الحركة التصحيحية وتحولها من مجرد صعود أو هبوط مؤقت إلى اتجاه متماسك يتم في إطاره وضع أوامر الشراء أو البيع أعلى أو أسفل حاجز 61.8% فيبوناتشي، باعتبار أن اختراقه يؤكد من هذا الافتراض.

4. مناطق الدعم والمقاومة

مرة أخرى، قد تراودك للوهلة الأولى فكرة أن الدعم والمقاومة هي مستويات أو نقاط مطلقة يرتد السعر من عندها صعودًا أو هبوطًا. في الواقع العملي، فإن المناطق السعرية هي الأكثر تعبيرًا عن مفهوم الدعم والمقاومة مقارنةً بالمستويات الفردية. بعبارة أخرى، إذا افترضنا أن الذهب يواجه مقاومة عند المستوى النفسي 2000$ للأوقية، فإن التطبيق العملي لهذا الافتراض لا يعني وضع أمر بيع بمجرد وصول السعر إلى هذا المستوى بالضبط. حتى في حال تحقق السيناريو وتماسك المقاومة المذكورة، فإن سعر الذهب قد يرتد قبل أو بعد المستوى 2,000$ بنقاط قليلة. على سبيل المثال، قد يرتد السعر هبوطًا من المستوى 1,990$ أو 2,020$. في كلا الحالتين قد تفوتك فرصة الاستفادة من بيع المعدن الأصفر إذا وضعت صفقاتك على أساس وجود رقم مطلق للمقاومة.

5. الكسر الكاذب للدعم والمقاومة

تتجلى أهمية المفهوم السابق فيما يطلق عليه ظاهرة “الكسر أو الاختراق الكاذب”. يقصد بهذا المصطلح أن السعر قد يكسر أعلى المقاومة أو أسفل الدعم لفترة وجيزة ثم يعكس وجهته ويستأنف اتجاهه الأصلي. بطبيعة الحال، فإن فتح صفقة شراء أو بيع بناءً على الكسر الأولي لخط الدعم والمقاومة سيؤدي إلى فشل الصفقة وتكبد خسائر. أما الاعتماد على فكرة “المنطقة” في تحديد الدعم والمقاومة، سيجنبك هذا السيناريو حيث ستضع نطاقًا معينًا يتعين على الزوج كسره، وربما الإغلاق أعلاه أو أسفله، قبل تحديد اتجاه صفقتك. إذا عدنا إلى مثال الذهب، فإن المتداول ربما يضع صفقة شرائية عند المستوى 2,050$ حيث يتأكد في هذه الحالة من جدية الكسر أعلى المقاومة المحورية 2,000$.

6. عدد مرات الاختبار

كلما زاد عدد المرات التي يختبر فيها السعر مستوى الدعم والمقاومة، كلما زادت أهميتها ومصداقيتها. كما أشرنا آنفًا، سيلاحظ جميع المتداولين في السوق هذه الظاهرة، وبالتالي سيكونوا أكثر استعدادًا للتعامل مع المستويات المذكورة باعتبارها نقاط ارتداد محتملة.

7. الفترة الزمنية

تزداد أهمية مستويات ومناطق الدعم والمقاومة إذا حافظت على تماسكها لفترة طويلة من الزمن. ولهذا السبب، فإن مستويات الدعم والمقاومة التي تتشكل على الأطر الزمنية الكبيرة، مثل اليومي، تكون عادةً أكثر موثوقية مقارنةً بتلك التي تتشكل على إطارات صغيرة مثل الخمس دقائق أو الساعة.

خاتمة

تعتبر مستويات الدعم والمقاومة واحدة من المفاهيم الرئيسية التي يستخدمها المحللون الفنيون. هناك مؤشرات عديدة تستخدم في رصد مستويات الدعم والمقاومة على الرسم البياني. تعتمد المفاضلة بين هذه المؤشرات على استراتيجية التداول التي تستخدمها والإطار الزمني الذي تتداول عليه، ولكن الأكثر أهمية هو تجربتك الشخصية التي ربما تؤكد أو تنفي مصداقية مؤشر أو طريقة معينة في تحديد مستويات الدعم والمقاومة.

ومرة أخرى، ينبغي الانتباه إلى مفهوم “الاختراقات الكاذبة” و”المناطق السعرية” باعتبار أنها ستعطيك فكرة أكثر شمولية وعمقًا في التعامل مع مفاهيم الدعم والمقاومة، والابتعاد عن التعامل السطحي مع نقاط أو مستويات جامدة.